Flickr Images

Product :

Popular Posts

فنجان أحلامي

انسكبت القهوة على ورقتها، فقامت هي بتوزيعها على الورقة بمساعدة القلم، وبينما هي غارقة في الخيال سمعت من ينادي عليها، نظرت له نظرة بلهاء وقالت: «ماذا تريد؟»

أتسمحين لي بتنظيف القهوة؟ قالت: لا؛ سأنظفها أنا، أطمع في واحدة أخرى.

ذهب النادل يحضر طلبها، وحملت قلمها تعبث في قهوتها المسكوبة، أرادت البكاء، لكن ماذا حدث لتتساقط دموعها؟

هل نبكي لهذا السبب البسيط؟ مؤهلون دائمًا للبكاء، لإننا لا نترك للحزن مجالًا للظهور، نضحك على أنفسنا كثيرًا ونتظاهر بالقوة، بينما نحن غارقون في الضعف، تائهون في جنبات الحياة، توقفت دمعة حائرة عند مُقلتيها، وأخفقت الهبوط؛ خوفًا من السؤال: « ماذا بكِ؟»

وتكون دائمًا الإجابة بخير، أنا بخير. حتى لا نصطدم بالتفاصيل الموجعة التي نضطر أن نقصصها على آذان من لا يهمه الأمر.

نكتب ونحكي همومنا لورقة، أو ريشة وألوان، وهذا ما فعلت عندما عبثت بقهوتها المنسكبة، أومأت برأسها داخل حقيبتها تبحث عن هاتفها الذي لا ينقطع عن الرنين، وعندما رأت اسم المتصل أغلقت الهاتف في وجهه وألقته بعنف داخل الحقيبة، وأكملت ما تفعل، وظهر النادل بفنجان قهوة جديد، تركته يبرد ثم نظرت إلى الورقة وابتسمت؛ وكأن الأحلام تظهر عندما نسرح في تفاصيل حياتنا، نكابد لنخفي ما نشعر وما نريد، لكن كلمة واحدة أو دمعة وربما رسمة تستطيع أن تقول الأقاويل، هي تحب الريم لكن لا تجيده، لكنها أجادت تجسيد الحلم في صورة قهوة، السفينة التي تغرق في بحورها، والبحر الغامض الذي تتمنى أن تركب أمواجه، والرحلة المنتظرة، هي تتمنى والعقل يحلم، والقلم يرسم، ثم نترك كل هذا ونذهب، شربت قهوتها الباردة كدموعها التي جفت، ثم رحلت إلى عملها، الذي تهرب منه وإليه، ربما تجد في القهوة قمة سعادتها وأحلامها، وقالت: 

- عفوًا قهوتي التي بردت لأنني أفكر، اختلست من وقتك دقائق، لأسبح بخيالك لتلك التي انسكبت، واخترقت قواميس عقلي وأحلامي.




💭 حُلم ٤ ديسمبر 💭

بقلم/ حسن محمد 


وجدتني ساعة العصرية بشارع الشامي وسط مجموعة من الأصدقاء القدامى لجدي يجالسونه وسط الطريق والضحكات المجلجلة تجول أرجاء مقاعدنا. كنت جالسا خلفه فناداني أن اقترب منه. 
وراح يقدمني لهم مرحبا بي متحدثاً عني بكلمات تنم عن حب كبير: حبُّ الجد لحفيده. وما انتابتني علامات الدهشة -بعد الفرحة عن إطرائه عليّ للأصحاب- إلا حين وجدته يتحدث ويسترسل في موضوعات شتى: عن الدين والدنيا والذي مضى. فعلقت في تعجب للجالسين:
- إنه كان يجالس الزهايمر وحده! لكن وجودكم جاء فبدده، وحديثكم حلّ فجددهما: حيوية الشباب وصدأ الذاكرة.





 

مقتول وما علما

بقلم/ حسن محمد

صِفْ لي الخيْبة يا شيخي.

قال:

- هي شجاعة رجل مأمول قرر قبل موته المحتوم أن يقف وسط خضم المعركة صائحا لمحبوبته مناد: أُحِبُّكِ يا كل أملي.

أقتلته شجاعته أم غَشامته؟

- ربما أماتته صرخته المكتومة بالهوى فهوَى. أو لأن كل العاشقين المحاربين بساحة الحبِّ التفتوا إليه إلا المرأة التي جاء من أجلها. 

«كوى الهيام قلبي وضناه.. واللي كواه عنه انشغل!.. »

- ادعُ لقلبي المكلوم يا شيخي.

- كفى الله عنه يا بني لوم العذول.

- وليه أقول يا ريت الحب عني يزول؟

- لأن المحبَّ يا ولدي، لو قلبه أحب ما لا يحبه، مقتولٌ.. مقتول.

«كم أظهرَ العشقُ من سرٍ وكم كتَما ـــ وكم أماتَ وأحيا قبلنا أُمَما

يا منْ حَسَدْتُم صبِياً بالهوى فَرِحاً ـــ رِفقاً به ، فَهُوَ مقتولٌ وما علما»




تلميذ اسمه عباس

بقلم الدكتور/ محمد منصور 

وأنا في الثانوية العامة كنت طالباً مجتهداً ومتفوقاً على كثير من أقراني ومع ذلك كانت لي علاقات صداقة متينة ببعض زملائي المتعثرين دراسياً في صفي وأغلبهم كانت تجمعني بهم إلى جانب زمالة الدراسة، صداقة الجوار في السكن والاشتراك في اللعب أثناء أوقات الفراغ، وهي صداقة دفعني إليها تعاطفي مع أحوالهم الدراسية المتردية من ناحيتي ورغبتهم في أن يتقربوا من تلميذ شاطر يساعدهم في فهم ما لايفهمونه وما أكثره من ناحيتهم، وكان يرضي غروري في ذلك الزمن البعيد أن يلتف حولي بعض الزملاء المتعثرين دراسياً وأنا أحل لهم مسألة صعبة في الفيزياء أو الرياضيات وسط عبارات استحسانهم وإعجابهم وكأنني ساحر يخرج من قبعته الأرانب، إلى جانب توبيخ الأهل لهم كلما رأوني بصحبتهم باعتباري زميلهم «الفالح» الذي ينبغي عليهم الإقتداء به، وكان يزيد اعتزازي بنفسي وشعوري بذاتي كلما ألح الأهل علي في أن «آخذ بالي منهم» وكأنني مدير المدرسة لا مجرد تلميذ فيها..

من بين هؤلاء الزملاء لا أنسى قصة «عباس» وحكايته في امتحانات آخر العام وهي الامتحانات التي تحدد مستقبل الطالب المصري للأبد، ويتم الاستعداد لها على مدار العام كله وأحياناً يبدأ الاستعداد من العام الذي يسبقه.

وبالرغم من أن عباساً ذاك كان من ضمن أصدقائي المتعثرين إلا أنه كان يطمع في دخول الجامعة، وكان لديه يقين لا أدري مأتاه أنه سيجتاز امتحانات الثانوية العامة بمجموع يذهب به إلى كلية الزراعة في أسوإ الأحوال.

على أن الرياح لا تجري دائماً بما تشتهي السفن فقد حدث أن امتحان الفيزياء النهائي كان شديد الصعوبة، حتى أن «عباس» لم يتمكن من فهم الأسئلة فضلاً عن أن يجيب عليها، وهكذا حين وجد نفسه وجهاً لوجه أمام ورقة الأسئلة وأيقن بالرسوب؛ قدح زناد فكره وقرر أمراً وراح ينفذه دون إبطاء متصوراً أنه سيجتاز المحنة بسلام.

أما الحل السحري الذي توصل إليه عباس فهو أن يستغل وقت الامتحان في كتابة رسالة رجاء واستعطاف للمصحح، ذكر فيها بأنه يتيم الأب وأنه تولى شؤون الأسرة بعد وفاة أبيه، وأن كفاحه وانشغاله في تدبير لقمة العيش له ولأخوته قد أنساه مذاكرة الفيزياء كما ينبغي لطالب بالثانوية العامة، وعلى هذا النحو مضى في كتابة رسالته التي أخذ يرجو المصحح في نهايتها أنه طامع في تفهمه وكرمه وانه لا يطلب منه أن يمنحه درجة عالية قد تثقل ضميره و تحمله إلى كلية الطب أو الهندسة وإنما يرجوه أن يمنحه درجة النجاح فقط وهي تكفيه وقتها لدخول كلية الزراعة!

وهكذا كتب الرسالة في كراسة الإجابة ووضع فيها من التوابل المثيرة للشفقة ماظن أن بإمكانه أن يؤثر على عاطفة المصحح، نقل الفقرات الهامة من رسالته إلى ظهر ورقة الأسئلة وخرج من اللجنة وهو مرتاح الضمير واثقاً من أن الدنيا «لسه بخير» وأن الناس الطيبين لم ينقرضوا بعد.

كنت أعلم أن امتحان الفيزياء كان صعباً خاصة وأنني شخصياً لم أكن موفقاً كما أحب في كل الأسئلة وبدأت أجهز نفسي للتعامل مع خيبة أمل عباس حين يقابلني خارج اللجنة وحشدت في رأسي عبارات المواساة والتشجيع فارغة المضمون في العادة وإن كان لها بعض التأثير في تخفيف الإحساس بالضياع عند البعض، بل لعلي فكرت وقتها أن أنصرف عائداً إلى البيت وأن أتحاشى مقابلة عباس وجماعته تماماً حتى يهدأ وتزول آثار صدمته، لكنني فوجئت به وقد خرج قبلي من اللجنة يقابلني بالأحضان وبابتسامة عريضة وسد علي الطريق وهو يشدني من يدي إلى ركن هاديء بعيداً عن بقية زملائنا وهو يقول :

- عايزك ضروري 

- خير 

- شوف دي 

ثم أخرج ورقة الأسئلة من جيبه ونشرها أمامي فتصورت أنه سيستشيرني في إجابة أستشكلت عليه ولم أجد بداً من مسايرته للنهاية، لكن حين وقعت عيناي على الكلام المكتوب اندهشت جداً فقد كانت رسالة بدأها بقوله «سيدي الفاضل الأستاذ المصحح... » جرت عيناي سريعاً بين السطور دون أن أقرأ شيئاً غير أنني تاكدت من أنها رسالة ولاعلاقة لها بالإجابات أو الأسئلة فقلت مستغرباً:

- ما هذا ياعباس؟ 

- زي ما أنت شايف .. جواب 

- أيوه عارف إنه جواب .. بس لمين؟

راح عباس يشرح فكرته وأنه استطاع أن يصور أوضاعه الأسرية بشكل مأساوي ترقق قلب الحجر على حد تعبيره، ثم أضاف أنه متأكد من أن حالته ستؤثر على نفسية المصحح، وأنه لم يطلب سوى درجة النجاح فقط لاغير.. لم أعرف حينها بماذا أرد عليه مع هذه الثقة التي تشع من عينيه وتعلقه المرضي بالأمل وتأكده من وقوع المصحح تحت تأثير كلماته، اعطيته الورقة واعتذرت له بأنني سأفكر في الأمر ثم أرد عليه فيما بعد لأنني على عجلة من أمري وانطلقت في طريقي مسرعاً وهو يسرع الخطى خلفي ويلوح بالورقة في الهواء صائحاً:

- أخدت بالك من أبويا ميت وباصرف على اخواتي؟

لم أرد فعاد يصيح خلفي:

- وأيه رأيك في أمي عيانة وهايجرالها حاجة لو سقطت؟!

أسرعت مبتعداً أكثر وهو يلاحقني بالعبارات المؤثرة من وجهة نظره، وظهرت النتيجة، ورسب عباس وأعاد السنة، لكنه كان كلما تذكر هذه الحادثة فيما بعد كان يهز رأسه متأسفاً ويقول:

- الناس اتنزعت الرحمة من قلوبها .. هو أيه اللي جرى للدنيا ؟





ظلي الأسود

بقلم/ سالي جابر

لم يكن الكحل خطًا بهيًا يزيدني جمالًا، يتماشى لونه مع ملابسي؛ بل كان يتماشى رويدًا رويدًا مع آلامي .. قد كان يُخفيها، يمحي آثار تعاستي، يذيب الحزن من ملامحي.

فكم تبقى تلك العيون باهتة، عابثة، يائسة من الحياة، تزداد تعاسةً وخوفًا، تتألم وتهوى النوم.. ليريحها سُبات عميق من ضوضاء الضوء، فكلما التقى ضوءًا عيوني أصبح لي تبرير هذه الدموع وتورم الجفون، وكان علىَّ أن أكذب كثيرًا، وعندما لمعت كذبتي كبريق النصل الذي يتغمد قلبي، كلما التقت عيني بأمي؛ قررت استخدام ذاك القلم الجميل، الذي أصبح يصادقني، لم يكذب على الآخرين فحسب؛ بل كان يزيدني جمالًا حتى اشتاقت عيني إليه كلما محته مياه الصبا، كان دائمًا يُحادثني أمام المرآة بأن الغدر أصبح سمة، والخيانة طريق يسير فيه الآخرون دون عناء، ولا أقبله أنا حتى يزداد قلبي شجاعة، ولا يسير إلا به ومعه، لا تنظرون إلى قلمي هذا ببريقه الأسود الذي اخترته لعيني صديقًا إلا بإنه أفضل صديق؛ يزيل عن عيني العبوس، ويُضفي لها بريقًا مذهلًا من الجمال، ويُحيي فىَّ أُنوثتي التي أفناها الحزن، وأيقظها هو ببريقه الفتان.




راية "راقصة الفلامينكو "

 راقصة الفلامينكو 

الجزء السادس

كتبها  عبد داوود 



كانت ديانا تتحرق للعودة إلى فرقتها في فرنسا، وهي مشوشة كيف ستجد مسعود في اسبانيا...

ماريا كانت سعيدة مع مالك وشعلة حب بينهما  فضحتها النظرات واللمسات الناعمة.

مالك كان يقول من الأفضل لكما البقاء حتى تصلني رسالة من مسعد ونعرف أين هو. 

ماريا طبعاً كانت مؤيدة إلى رأي مالك ومتمنية البقاء... لكن ديانا قالت: سأتصل بك يوميا من فرنسا أو أي مكان آخر لتخبرني أخبار مسعد. أنا لا أعرف أين سأكون.    

قال مسعد فيما بعد: ودعت مالك صديقي في مطار دمشق الدولي وسافرت، كنت ملتهب العواطف، أبغي الوصول إلى سلمنكا بأسرع الوسائل الممكنة، حتى ألاقي حبيبة القلب التي عشقتها بكامل أحاسيسي وقلبي وفكري حتى الثمالة،بل حتى النخاع، وكأنه لم يعد يوجد أنثى في الدنيا غيرها... 

نزلت من القطار في سلمنكا أحمل معي هدايا من دمشق، الحرائر، والبروكار السوري، والخزفيات، والنحاسيات، وحلويات دمشق العربية الفاخرة المصنعة بالسمن العربي الأصيل، بكميات كبيرة هدايا إلى ديانا وإلى فرقتها...كلفتني زيادة الوزن بالطائرة أكثر من ثمن البطاقة ذاتها...

ركبت أول سيارة أجرة صادفتها وطلبت منه توصيلي إلى معهد الفلامينكو...

قال السائق أتقصد معهد ديانا؟

قلت: نعم، وهل تعرفها؟ 

قال السائق: وهل هناك من لا يعرف راقصة الفلامنكو الشهيرة؟

قال الحارس في مكتب ديانا، هي اتصلت من اسبوعين من فرنسا وأعطتني رقم هاتفها في باريس ها هو...

قالوا لي الفرنسيون: فرقتها لا تزال عندنا، لكن هي نظن عادت إلى بيتها لأنها حامل...وممنوعة من الرقص...

طار صواب مسعد، وكاد يسقط على الأرض، وقال إذن هي كانت متزوجة، ولذلك لم تترك لي عنوانها، وهربت تحت جنح الظلام...

أعطيت الهدايا إلى الحارس، وقلت له هذه من حظك، 

لم تعد تلزمني...

عدت إلى مدريد، كانت دموعي في القطار لا تتوقف، وكنت أدخن بلا وعي أشعل السيجارة الجديدة، والسابقة لا تزال مشتعلة...

شعرت بأن أحلامي انهارت، لقد جاء الفيضان وجرف كل ما كان إلى العدم... 

في مدريد، سكنت في فندق صغير، تملكه سيدة كبيرة بالعمر، قالت لي ما هذا الاسم مسعد، هذا صعب علينا، ما رأيك اسميك خوان، اسم اسباني سهل النطق علينا وعلى العرب... ومن تلك اللحظة صار اسمي خوان...

كنت اتردد على المكاتب العقارية حتى اشترى دار سكن كما كنت مقرراً...

إحدى المرات، صادفت رجلا بدا لي رجلاً نبيلا في مكتب عقاري، أعجبني منطق الرجل وأردت مصادقته. دعيته لاحتساء فنجان قهوة في مكان قريب...تحادثنا كثيرا، 

بعدها صرنا نلتقي ونتنزه سوية في شوارع مدريد، ونحتسى القهوة وغيرها في المقاهي التي تصادفنا...

ذلك اليوم سألني، ماذا كنت أعمل في سورية قبل قدومي إلى مدريد؟

قلت في مديرية للطيران المدني، سألني وهل تعرف كيف تقطع تذاكر السفر بالطائرات.

قلت نعم. هذا من صلب عملي.

قال: أنت تملك مهنة عظيمة، لماذا لا تبحث عن عمل في هذا المجال؟

قلت: لم أفكر بالأمر بعد، ولا أرغب العمل الوظيفي.

قال: تعال معي، ذهبنا إلى مكتب ضخم في شارع مشهور في مدريد ودخلنا إلى مكتب المدير مباشرة.

قال الرجل: هذا خوان من سورية، وأظن إنه الانسان الذي تبحث عنه...

تبادلنا أحاديث مختلفة عن سورية والرئيس حافظ الأسد وعن محاولاته في تطوير سورية إلى الأفضل...وعن محاربته الفساد بكل قوته، وقال الرجل: الاسد هو أسد قوي تمكن من مسك كل الخيوط حتى سارت سورية فعلاً في طريق الحداثة والتقدم. ولولا ذاك الرجل القوي كان الفاسدون نهبوا سورية، بحجة أنهم يحرسون الكرسي الرئاسي.

سألني الرجل أسئلة مختلفة في مجال الطيران وقطع تذاكر الركاب، أسئلة بالنسبة لي بسيطة من صلب عملي في سورية.

قال الرجل: أنا أنوي فتح مكتب قطع تذاكر في شارع أنطونيو، وهذا شارع  مشهور في مدريد، وأريد موظفاً مسؤولا عن إدارة هذا المكتب، ما رأيك؟

الفكرة عجبتني، لكن أنا استقلت من الوظيفة لا لأجد وظيفة أخرى تسرق عمري، وتقضى على طموحي... قلت سأفكر بالأمر....

هاتفني صديقي روفائيل، وقال لي، أين أنت يا خوان،

أنت أعجبت وليام وهو يريدك أن تستلم إدارة مكتبه في شارع أنطونيو...

قلت لصديقي روفائيل، أنا بالفعل أشكرك، لكن بصراحة أنا لا أحب الوظيفة، أشعر بأنها ستسرق عمري، وتنهي أحلامي، أنا أريد أن اصنع أحلامي بنفسي، وأكون أنا سيد مكتبي لا موظفاً فيه... 

أرجوك أن تسامحني، بكل الأحوال لن أنسى لك هذا المعروف الكبير الذي فعلته لي...

بعد أسبوع هاتفني روفائيل وقال لي هناك أخبار ستسعدك.

وليام عرف مقدرتك، وعرف معدنك، وقال لا مانع إن رغبت أن تدخل شريكا معه، وبدل أن تدفع انترادا لدار سكن يمكن أن تكون شريكا في المكتب، ومن الأرباح سوف تسدد ما عليك لتكون شريكا حقيقياً في الربع أو الثلث أنت وقدرتك على العمل. حتى تصبح شريك النصف.

تم الاتفاق بيني وبين وليام ودفعت كل ما أملك لأكون شريك الربع، وسوف اسدد له ما أقدر عليه من أرباح المكتب لأصبح لاحقا شريكا الند للند في المكتب. 

في مكتب الادارة توجد كنبة كبيرة جعلتها سريرا لي في الليل، وصار المكتب هو مركز عملي ودار سكني...  

 وافق شريكي على تسمية المكتب الحلم الطائر، أنا 

عنيت، بأن ديانا كانت الحلم وطار... 

تناسيتها، وبدأنا العمل. وكنت جاداً لأكون شريك النصف. 



إلى اللقاء في الحلقة السابعة.


فراق محب

بقلم/ سالي جابر

ها قد أتى فصل الخريف، وأنا ورقة شجر معلقة في مهب الريح، ضعيفة واهنة مع أول قطرة مياه سقطت من السحاب اهتز الفرع بي؛ فصرت مُعلقة أستعطف هزة الهواء القادمة ألا أسقط، أستحلفها أن تتركني، لا أود أن أكون وحيدة، هكذا أنا في حبك ضعيفة لا أود أن أقترب أكثر من هذا، ولا أطيق الابتعاد، ترميني الدنيا بين الطرقات، تتلقفني الأمواج فأضيع معها ويضيع قلبي الذي أحب بصدق دون أن يرى مقابل لهذا الحب حتى سوى لحظات، هذا أخر لقاء بيننا، سيكون بالكلمات التي لم أستطع قولها إليك، لكني سأكتبها في أوراقٍ كثيرة وتبقى لذكرى خالدة يحفظها قلبي، ويبعثرها فؤادك في أنحاء البلاد.

عزيزي أهلًا، أراك دائمًا في أحلامي تبتعد، وأستيقظ خائفة من تلك اللحظة كلما تذكرت الحلم، أبتعد عنكَ قليلًا فأجدني لا أقدر، ولا أطيق هذا البعد. الطرقات بيننا ليست واحدة: نحن نختلف ربما يكون إتفاقنا عند هذا القرار( فراق) لا يود قلبي كلمة وداع، ريثما يأتي يوم ونلتقي، أود أن يبقى بيننا شيء لا تقطعه الأيام مهما طال الفراق، ربما أحتمي بك في يومٍ من الأيام، وألتجيء إليك، لإنك أول رجل دق له القلب، حيثما تكون أشعر بالأمان، ابتعد كيفما تشاء؛ لكن تذكرني دائمًا، تذكر امرأة أحبت عيوبك، لا ترى النهار إلا إذا أشرقت شمسك على نافذة روحها، واليوم تعتاد أن تفتح لشمسها ستائر جديدة، تمحو معها أنين ذكراك الأليمة، تذوب حرارتها أوجاع خلّدها قلبُك بي، وتبقى فقط كلمات عشق وهيام علقت بفؤادي.

لك مني السلام، وخالص الحب، وأعذب الكلام، تذكر أن القلوب تتغير؛ لكنك ستظل هنا كما أنت لن يأخذ مكانك أحد.




جميع الحقوق محفوظة © 2013 مجلة النجوم
تصميم : يعقوب رضا