Flickr Images

Product :

Popular Posts

نهاية برىء

  نهاية بريء

محمد الباشا  

العراق 



أنا وصديقي رحلة طفولة وصداقة ، في الجامعة قمنا بتشكيل نواة ثورة شبابية طلابية ، لعلنا ندرك خراب هذا البلد ، دائما نجتمع في شقته التي يعيش بها لوحده ، أبوه قاتل الغزاة قبل وفاته وكان برتبة عسكرية عالية ، أمه ماتت وقلمها سامق لا يتوقف عن استنكار دمار الوطن ، أخوته كل في مجال الحياة يبدع ، بقى يحمل نبراس ابويه ليبرز على ساحة الرافضين لطريقة أداء الحكومة ، في احد الأيام بادرني بالحديث وقال لي كلاما لأبلغ به الآخرين من التنظيم :

_ أتعلم يا صديقي البار ، لقد علمني أبي ان أحارب الإستعمار ، وأن اقف بوجه كل متكبر جبار ، وأن ارفض المساومة على القضية والإتجار ، وقد جاءني أحدهم وطرح علي خيار ، أن أبيع موقفي بالدولار ، فأعلم أننا أما أن نقبل أو سينالنا منهم عذاب من نار ، أو سجون ولا يبقى منا إلا التذكار ، وأنتم يا أصدقائي لكم القرار ، أما البقاء معي وتحمل الأوزار ، أو تركي وحيدا والفرار .

قلت له وانا على يقين من كلماتي :

_ مشينا طريقنا ونحن نعرف الاحتمالات ، أما أن نعيد لبلدنا هيبته أو نكون مع الأموات ، نحن نعلم أن ديدنهم المساومات ، لكننا أبينا ألا أن نكون رمزا للحياة ، أصرارنا أن نبقى متمسكين بكل الشعارات .

بعد أسابيع كنت مع صديقي في شقته نهيء لأحتجاجات صاخبة ، القي القبض علينا بتهمة تهديد أمن الوطن ، رمينا في سجن مجهول ، بقينا عدة أيام أراد السجانون ومن ورائهم أن يقايضونا ، بعد رفضنا كل مشاريعهم بدأت مرحلة التعذيب ، وبعد جلسة تعذيب شديدة وألم كبير ، جاء أحد المسجونين فقال :

_ أنهم أناس ظالمين ،يعذبوننا ويتركوننا للأوجاع والأنين ، فخذوا هذه الحبوب عندها يهدأ وجعكم ويستكين ، ولا تهابون سوطهم ولا تخافون عصاهم المتين .

مرت الأيام لكن صرنا لا نعرف أن ننام ، ولا نعرف ان نهدأ الا بهذه الحبوب ، بدأنا نتناول نوع من السكائر تشعرنا براحة كبيرة ، بدأنا نمر بمرحلة إدمان الكحول ، لكن لم نسأل انفسنا يوما كيف تدخل لهذا السجن هذه الأشياء ، حتى جاء يوم الإفراج عنا بعد أكثر من ستة أشهر ، خرجنا تحت رقابتهم ورعايتهم كما كنا في السجن ، الحبوب والسكائر والكحول هناك من يمولها ، بقينا تائهين ، ضائعين ، ندخن ونشرب وننام ، طردنا من الجامعة ، جميع الأصدقاء نالهم الوعيد ، صديقي راح يتقوقع في شقته ، حتى صرت لا أراه إلا مرة كل فترة متباعدة .

جاءني أبي ذات يوم وقال لي :

_ صديقك النقي رفيق المحن ، وجد متفسخ جسده لانه ميت في شقته من زمن ، ولا أحد يدري متى وكيف مات وأين أندفن ، تبا لمن أجرم بحقه وقتله وله كمن ، قتلوه لأنه أراد أن يظهر للعلن ، أن للبلد رجال ونساء لا يهابون المحن ، قتلوه لأنه كان يريد وطن .



ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مجلة النجوم
تصميم : يعقوب رضا