Flickr Images

Product :

Popular Posts

الدين والحياة

 الدين و الحياة 

بقلم  فاطمة الزهراء بوزادة  



الدين ليس ما سنّته البشريّة في عصور مضت و قضت به للحياة والموت،عطاء وحرمان تتبّع و نكران، بل هو سيرة أوجدها ربّ العالمين في مخلوقاته، تفصيلٌ سماويّ صنع إنسانيّة الإنسان في حمأ مسنون، أراده الله أن يكون فكان.وأوجد له الوجود لتتّم كلمة الله فوق الأرض فكانت الشعوب و كانت الأمم وكانت الديانات، كلّ تصنع لنفسها كوكبا تتبعه النفوس دون العقول حيث جاءت المعجزات لتثبيت الرسل و جاءت الكتب لتثبيت السبل حتى أتى الخاتِم للديانات الحقّ، محمّلا في ذاته بوحيّ الله، لا ينطق عن هوى و لا يتّبع أهواء الناس لأنه أتى ليتممّ مكارم الأخلاق، فكانت معجزته دستور لا ينقطع إلى يوم القيامة مبحثه، لأنه الكتاب الوحيد الذي أيّد رسوله بالعلم و الذي رابط أهله على الحجّة و البيّنة، فكان الدين معاملة و العقيدة عبادة فسابقت الواجبات الدنيوية فرائض العبادة لتكون تجسيدا لدين الله فوق الأرض و يكون للحياة لونها على آيات الوجود و التواجد البشريّ .

دين الله المغتصب باسم التبعيّة المطلقة لغير كتاب الله في تقييد القيم الأخلاقية جعلت من العصبيّة و التطرّف و الإلحاد بآيات الأخلاق سجونا تحاكي طابوهات المجتمع لتأسر الحريّات و الحقوق العامة.

تلك الحريّات التي يضمنها دين الله لكلّ مخلوق يؤمن بوجوده كشرط وحيد يُدخل المؤمن بالله تحت وصاية ربّانيّة تحفظ له دمه وماله و عرضه باتت و لزمن لازال قائما رهن فتاوى و قوانين و أحكام نظامية طاغية تنهش القيم وتستبيح الأعراض و الانتهاكات القاضية على مجتمعات بأكملها و حضارات أُزهقت فقط لأنّها لا تناسب الأطر الموضوعة باسم الدين و التي لا علاقة لها به لا من بعيد و لا قريب.

الدين حياة لأنّه أخلاق تبُثّ الحياة في الفرد و المجتمع و الناس، إذ كيف يمكن أن يكون حقّ الحياة قائما إن كان حقّ التمتّع بها غير محفوظ؟ كيف يكون للحياة مجرى لها إذا كانت مسلوخة المعنى و الروح؟ و لا أحد يقاوم ليبقيها. الأخلاق التي تُجرِّم جرائم الحروب و تجرّم العادات و التقاليد السالبة للحريّات و الحقوق، هي أخلاق من دين السماء الذي أنزله ربّ العالمين ليطهّرنا من رجس الأنفس الأمّارة بالسوء ويعلّمنا كيف تكون مكارم الأخلاق في حركاتنا و سكناتنا وفي أنفسنا و ما حولنا ليستقيم الصراط في دنيانا قبل آخرتنا فندرك أنّ الحياة هي الأخلاق التي تظهر منّا حين يملأنا اليقين بالانتماء للكون الذي شاءه إله واحد أحد لخلقه حتى يكون اليوم الذي يعيدنا إليه بما تحمل موازيننا من أثقالها و تخبر حيوات لنا عنّا فنعرف أحقا عشنا لنعيش أم أنّنا ضيعنا لمّا أضعنا دين لا يدين بالقتل بل بالسلام لا يدين بالموت بل بالحياة لا يدين بالعنصريّة بل بالرحمة لا يدين بالاستعباد بل بالعبادة لله و التآلف بين خلقه . هذا هو الدين الذي يفنى أهله في إعلاء كلمة الله بأخلاقهم و قيمهم بين الأمم

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مجلة النجوم
تصميم : يعقوب رضا