الفنان الشعبي النوبي فنان رائق المزاج يهتم بالتفاصيل الصغيرة في رسومه الشعبية، المستمدة من عناصر البيئة المحيطة به، والناظر إلى العمارة النوبية سيجد مجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها: أولاها أنها مبنية من مواد طبيعية، قلما تدخلها الصناعة، ثانيها الاعتماد على البساطة في البنية المعمارية، ومعظمها مبنية من الطوب اللبن.
الفن النوبي ليس منفصلاً عن الحضارة المصرية القديمة، فقد تأثر بتحولات هذه الحضارة، وأضاف إليها، حيث نجد التعدد في الرؤية الفنية، حيث لا يميل الفنان النوبي إلى التكرار أو التنميط، بل يحاول أن يجدد دائماً، ويبتكر الرؤى الخاصة به.
وهناك تأثير واضح للحضارة الإسلامية والحضارة القبطية، وسنجد تجليات لهما بكثرة في الآثار التي يضمها «متحف النوبة»، ومن تأثيرات الفن الإسلامي نجد كثرة استعمال الأشكال الهندسية المتداخلة، مثل فن الأرابيسك، كما نجد ازدهاراً للفنون المتوارثة مثل صناعة الفخار وصناعة الحلي، وأدوات الزينة، وأدوات الطهي، وهذه لها نماذج كثيرة في «متحف النوبة» وبأشكال متعددة ومتنوعة.
يختلف الفن النوبي من مكان إلى آخر، فهناك مناطق تعتمد على الرسوم البيئية من الأشجار والزخارف النباتية، وعادة ما تقوم النساء برسم جدران البيوت، وفقاً لقدرتهن على التشكيل، ونجد تجليات ذلك في منطقة «العليقات»، حيث يسيطر الذوق النسائي على الزخارف الموجودة على البيوت هناك، حيث توجد وحدات زخرفية مختلفة، ورسوم للزهور والنباتات والنخيل والفواكه، وهناك مناطق تعتمد على اللون الأبيض فقط، في الزخرفة بدون تكلف أو زيادة ألوان أخرى.
أما الرسوم الداخلية فتتميز بالتنميق الشديد والزخرفة الكثيرة، ويبدو ذلك واضحاً في منطقة «الكنوز»، حيث تتميز «غرفة استقبال الضيوف» بتعدد مستوى الرسوم ليس على الحوائط فقط، وإنما في الستائر المعلقة التي يتم تصنيعها خصيصاً، وهذه المنطقة تختلف عن المناطق الأخرى في النوبة، حيث يتم رسم حيوانات من البيئة مثل الجمل والناقة، وهي رسوم ذات دلالات، حيث إن المعتقد الشعبي يرى الخير في مثل هذه الدواب.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق