قصة قصيرة
بقلم رشاد على محمود
"زهور الزنبق الأبيض"
هي إمرأة رائعة الجمال؛ ووجه يتميز بالبراءة والرقة؛ وشعر فاحم السواد؛ ينسدل علي كتفيها؛ وكانه وشاح من الحرير؛ وجبين ناصع البياض كقطعة أشتقت من البدر ، سيدة ذات شخصية ليست يالمتسلطة؛ او الضعيفة، تتصرف بحكمة وبقدر معقول من التماسك؛ رغم الوجه الطفولي الجميل، لم تكن هي أو زوجها يختلطان بالجيران؛ إلا فيما ندر؛ وعندما يقتضي الأمر ، فهي إبتدعت حكمة؛ وراقت هذه الحكمة لزوجها؛ فهي ورغم تعليمها ولكنها كسيدة منزل تؤمن بأن كثرة إستعمال الأشياء؛ على الأقل يفقدها بريقها؛ إن لم يصبها بعطب اوحتى بتلف؛ فهي تطبق هذه الحكمة على جيرانها وإن كثرة التعامل والإحتكاك؛ يجلب المشاكل؛ والتدخلات الغير محمودة؛ هي وزوجها يعشقان الزهور بشكل كبير، لذلك كانت الشرفَة تمتلئ بأواني الزهور، وأسعد اوقاتها وزوجها وهما يعتنيان بهذه الزهور وانتقل هذا الأهتمام بالزهور ألي ابنتها وأبنها٠
رحل زوجها في حادث سيارة مؤلم؛ وهو ذاهب إلي عمله بإحدى المدارس التابعة لوزارة التعليم، عمرها بالكاد يقترب من نهاية العقد الرابع ، فقبل أن تلفها الأوجاع ويأخذها الحزن في غماره قررت أن تكتفي بتربية إبنتها وإبنها؛ لتؤدي رسالتها نحوهما علي أكمل وجه؛ ولا تستسلم لأية منغصات؛ إبنتها تدرس في المرحلة الثانوية، والإبن في المرحلة الإعدادية؛ ومن ترتيب القدر؛ ان المدرستين كانتا متجاورتين ، كانت تستيقظ مبكرة؛ وبعد ان تعتني بالزهور؛ تعد طعام الإفطار وتتركه، لإبنتها وابنها وتنصرف ، كل يوم تخرج مبكرة وحيدة وتعود ، ماعدا يوم الجمعة، تخرج هي واولادها،
لاحظ احد الجيران خروجها المبكر؛ و الذي يتفق مع عودته من صلاة الفجر ، بدأ الهمس يزداد بين الجيران وتحول إلى لغط؛ تجمع بعض الجيران؛ واتفقوا فيما بينهم؛ علي أن يعرضوا الأمر علي أمام المسجد ، والذي جاء رده مخيبا لهم ، رغم محاولاتهم بإقناع الشيخ؛ بأن هذا الأمر لم يكن يحدث قبل رحيل زوجها ، بعد أن زجرهم الشيخ ونهاهم عن قذف المحصنات الغافلات وأنه من الكبائر (الموبقات السبع)، وأمام إصرارهم؛
قال وترضون بحكمي؛ سواء كان ضدها أو ضدكم؛ أجابوا بصوت واحد نعم ، قال لهم اتروكوا لي الامر وسوف أجيبكم عليه بعد غد، وكان قد أومأ الى احدهم ان ينتظر معه قليلاً ليعرف موعد خروجها ، فقرر ان يصلي الفجر في بيته ويستجلي الأمر ،
وكم كان الأمر مفرحًا له عندما وجد الشيخ قبر زوجها تحيطه زهور الزنبق الأبيض من كل جانب ، ولم تشعر بوجوده؛ فقد كانت منكبة تقتلع بعض الحشائش الفضولية؛ والتي نمت رغم عنها؛ وعن زهورها الجميلة؛
ذهب مبكرا إلي صلاة الفجر وانتظرهم وكان قد جمع عدة ممسحات لنظافة دورات المياه ولمدة شهر يكون العامل المختص بهذا الأمر مشرفاً عليهم هكذا كان العقاب ٠ ٠ ٠
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق