حكم الأرذال
بقلم محمد الباشا
العراق
عمي رجل ثري وقوي في كل شيء ، ذو علاقات تصل إلى هرم الدولة ، متنفذ متسلط ، اتصل بي بعد منتصف الليل ليسألني عن ابنه الذي هو رفيقي الدائم وصديقي المقرب ، فقال لي :
_ لقد تأخر ابني عن موعد رجوعه المعتاد ، وأني أخاف عليه من كبرياءه والعناد ، وأخاف ان يفقده عنفوانه وغروره السداد ، وأني أعلم إنك رفيقه في كل واد ، ألا تعرف أين سيكون في هذا السواد ، لقد بحثت عنه في كل البلاد ، ولم أجد لي من هاد .
سكت لحظات وتذكرت فقلت لعمي :
_ لقد كنا سويةً عصر هذا اليوم بقرب ذاك المحل ، فجاءت فتاة كلها جمال مغرورة بلا خجل ، فراح أبنك يرميها بكلام شغف وغزل ، حتى لحق بها إلى بيتها وعنها قد سأل ، ولما عند دارها وصل ، التفتت اليه وقالت له بلا وجل :
_ كنت أتمنى أن لا تتمادى وخلفي تسير ، لأنك ستنال عقاباً عسير ، وعندها لا ينفعك إن كان أبوك فقيراً أم وزير ، إن زعلي سيرمي بك إلى متاهة وسيكلفك الكثير ، وستدفع لعملك هذا الكثير الكثير ، أعلم يا هذا أنك لن يمسي عليك مساء إلا وأنت في حفير .
أخذت عمي في ذلك الليل البهيم ، إلى بيتها فراح عمي يضرب الباب ويصرخ بعنف ، خرجت امرأة كأنها في نهاية الأربعين من العمر ، فدفع الباب عمي ودخل وقال لها :
_ من أنت ومع من تلعبين ، ابني أريده منك وأنت به تعلمين ، وسألقنك أنت وتلك الفتاة العاهرة درساً وتتأدبين ، أنا رجل كل الدنيا لي تدين ، أنا أغنى أهل المدينة ولي جاه كبير وبه أستعين .
ضحكت وقالت لإحدى الفتيات التي عندها :
_ جاء الأب يبحث عن ضناه ، لكنه عصبي ويريد أن يعرف ابنه ما جناه ، وأين ولده وأين مصيره ومثواه ، فهل تريدين ان تقولي له ما حل بأبنه لأنه تعدى حدوده فساء منتهاه ؟
أجابت الفتاة وانا وعمي نتفرج على وقاحة الفتاة والمرأة :
_ عمتي ألا تعلمين أني زعلت منه ومن جنونه ، وابلغت حبيبي به وأخذه إلى سجونه ، ولن ارضى عنه إلا اذا أهله يفتدونه ، بذهب ومال أو يتركونه ، وعند ذاك حبيبي وأصحابه سيقتلونه .
هنا تغير لون وجه عمي وخرج وقال لي في الطريق :
_ ابن أخي أظننا سقطنا في فخ عصابة من الأشرار ، النساء من هذا النوع عندهن القرار ، وعلينا دفع ما يردن وإلا سيلحق بولدي الأضرار ، وبعد ذاك ربما يزيدوا علينا في الأسعار ، ولا ينفعنا عندها كل أصدقائنا من الأخيار .
في اليوم التالي جاءني عمي وقال :
_لنذهب إلى هذه المرأة وننهي الجدال ، لقد جلبت لها ذهباً وبعض الأموال ، لأننا الآن أمام أناس أنذال ، لا يحترمون أحد وليس عندهم شيء محال ، واظنها اذا أمرت الباقين سيخرج ابني في الحال ، لأن هذا هو أوان الأرذال .
بالفعل أعطيناها الذهب والمال وفي نفس الليلة جاء ابن عمي وعاد لبيته .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق